يتزايد عدد الموظفين الذين يشاركون في التدريب والتعلم عبر الإنترنت هذه الأيام، سواء أكان ذلك جزءًا من عملية إعداد الموظفين الجدد، أو التدريب المتعلق بالامتثال، أو تعلم مهارات جديدة. وعلى الرغم من توافر تدريب الموظفين عبر الإنترنت منذ فترة طويلة، فقد أتاحت الجائحة للمؤسسات والمتخصصين في مجال التعلم والتطوير فرصة كبيرة لتجربة أفكار جديدة، وتحديد أفضل الممارسات، والتعرف على طرق لتعزيز مشاركة الموظفين بشكل أفضل؛ ولا سيما في بيئات العمل المختلطة التي يعمل بها بعض الموظفين من الموقع بينما يعمل الآخرون من المنزل.
يشير جو ميلر، نائب الرئيس للتعلم ووضع الإستراتيجيات في شركة BenchPrep في شيكاغو، إلى تقرير التعلم في مكان العمل لعام 2020 من لينكد إن، الذي أوضح أن 57% من المتخصصين في مجال التعلم والتطوير يتوقعون إنفاق المزيد على التعلم عبر الإنترنت هذا العام. ويضيف، على حد تعبيره، أن “التعلم عبر الإنترنت يشهد فترة من التألق والنجاح”.
ساهمت الجائحة بالتأكيد في هذا النمو في الاستثمار في التعلم وتدريب الموظفين عبر الإنترنت. ولكن ليس جميع أنواع التدريب عبر الإنترنت ستكون مجدية. وللدفع إلى مشاركة الموظفين بشكل أفضل في التدريب عبر الإنترنت، يجب على المؤسسات اتباع بعضٍ من أفضل الممارسات المهمة.
إضفاء الطابع الشخصي على تدريب الموظفين عبر الإنترنت
لا تتألف بيئة التدريب عبر الإنترنت اليوم من حل واحد يناسب الجميع. يذكر ميلر أنه في الواقع، لتحقيق مشاركة موظفين أكثر فاعلية أثناء تدريبهم عبر الإنترنت، لا بد من إضفاء الطابع الشخصي على التدريب.
يستطرد ميلر “عندما يتعلق الأمر ببيئة التعلم الرقمية، فمن السهل أن تدرك ما يعرفه الناس وما لا يعرفونه”. ويضيف “يؤدي تخصيص برنامج التعلم إلى جذب انتباه المتعلم منذ البداية وبذلك لا يتجاهل المعلومات التي يحتاج إلى معرفتها”.
يمكن تحقيق إضفاء الطابع الشخصي بكفاءة من خلال تزويد الموظفين بخيارات متعددة للتعلم، بما في ذلك مزيج من فرص التعلم المتزامن وغير المتزامن، والقدرة على البحث بشكل استباقي عن المعلومات عند الطلب.
يمكن أيضًا دفع مشاركة المتدربين من الموظفين الذين يتمتعون بمهارة رقمية من خلال التجارب التي تعكس مساعيهم التكنولوجية الشخصية.
النظر في التعليم باستخدام الألعاب لزيادة الاهتمام والتفاعل
يذكر ميلر أننا جميعًا على دراية بمدى صعوبة مقاومة إدمان ألعاب الفيديو. ويمكن للمؤسسات الاستفادة من هذا من خلال دمج التعليم باستخدام الألعاب في فرص التعلم عبر الإنترنت الخاصة بهم. يصرح ميلر “يحسن أسلوب التعليم باستخدام الألعاب من فرص استبقاء المتعلم من خلال شاشات عرض النتائج وشارات الإنجاز والتحديثات الفورية”. وسينجذب الموظفون الأصغر سنًا إلى مثل هذه الأنواع من عروض التدريب، وعلى وجه الخصوص، هؤلاء الذين نشأوا على توافر أنظمة ألعاب الفيديو هذه في منازلهم.
توافق الدكتورة إيرين ويليامز، عضو هيئة التدريس في برنامج منح درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال بجامعة والدن، على أن استخدام أنشطة التعليم باستخدام الألعاب أو المحاكاة قد يساعد في الحفاظ على مشاركة الموظفين في التدريب أو التعلم عبر الإنترنت. وذكرت أنه بالإضافة إلى ذلك، يشكّل بناء فرص للتفاعل في التدريب أو التعلم عبر الإنترنت أهمية بالغة.
تمتلك TalentLMS بيانات تدعم آراء ميلر وويليامز بشأن فعالية التعليم باستخدام الألعاب في تعزيز مشاركة الموظفين: يشير بحثهم إلى أن 83% من الموظفين الذين يتلقون تدريبًا من خلال التعليم باستخدام الألعاب يشعرون بالحماس للتعلم وأن 89% من الموظفين على استعداد لقضاء وقتًا أطول في استخدام البرامج التي لها أسلوب الألعاب نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر 66% من الموظفين عن بُعد أنفسهم من المتعلمين البصريين.
في أيامنا هذه، يتوق أيضًا العديد من الموظفين الذين لا يزالون يعملون عن بُعد إلى فرص للتفاعل.

بناء فرص للتفاعل
ليس من الضرورة أن يكون تدريب الموظفين عبر الإنترنت غير تفاعلي. وقد قطعنا شوطًا طويلاً منذ أيام عروض التعليم غير المتزامنة والزي الرسمي التي غالبًا ما كانت تُشعر الحاضرين بالملل وتفتقر إلى الصفة الشخصية. وقد دفعت تجربة التعلم والتطوير منذ بداية الجائحة أصحاب العمل إلى استكشاف طرق لبناء فرص للتفاعل لتعزيز المشاركة والمساعدة في التعامل مع مشاعر الانعزال.
تقترح ويليامز أن يتم “إنشاء فرص في الوحدات التدريبية للتفاعل مع الموظفين الآخرين. إذا كان لديك جلسة تدريب افتراضية، اسمح بإجراء جلسات منفصلة لمناقشة الموضوعات المهمة”.
يمكن أن تتم هذه التفاعلات قبل جلسة التدريب أو أثناءها أو بعدها، سواء مع الموظفين الذين قد يعملون عن بُعد أو مع الموظفين الذين يعملون في الموقع باستخدام نهج التعلم المختلط.
اتباع نهج التعلم المختلط
يقر ميللر قائلاً “يمكن أن يؤدي التعلم بالحضور شخصيًا في الموقع إلى أن تكون المحاضرات ذات طبيعة مملة، كما قد يتسبب التعلم عبر الإنترنت في الشعور بالانعزال”. ويذكر أن التعلم المختلط يمكنه سد هذه الفجوة. “يتيح التعلم المختلط للمتعلمين أن يحددوا لأنفسهم وتيرة التعلم مع التعرف على المفاهيم والموضوعات الأساسية”. ويستطرد أنه يمكن بعد ذلك استخدام الفصل الدراسي الافتراضي للمناقشة والتعاون في نموذج مكان العمل المختلط.
يعمل جون كوبلاند خبيرًا إستراتيجيًا وخبيرًا في حلول تكنولوجيا التعلم والتطوير لشركة Barco الرائدة في مجال العرض المرئي ومقرها جورجيا. يصرح كوبلاند “سيكون للعمل المختلط والمرونة التي يتسم بها باعتباره اتجاهًا رئيسيًا في المستقبل آثارًا متعددة على مستوى الشركة”. ويضيف “من الواضح أنه إذا كان مستقبل العمل مختلطًا، فعندئذ سيكون مستقبل التعلم والتطوير كذلك أيضًا، إذا أردنا نجاحه. وبالنظر إلى الطلب على المرونة، إلى جانب الحاجة إلى صقل مهارات الموظفين وإعادة تأهيلهم لإعدادهم لعصر رقمي يتأثر بالتكنولوجيا والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى ضمان نتائج تدريب ناجحة”.
بالإضافة إلى موافقة كوبلاند على أنه يمكن تعزيز المشاركة عن طريق التعليم باستخدام الألعاب والحوافز، فهو يقترح أيضًا ما يلي:
- دمج التدريب عبر الإنترنت في سير العمل؛ إذ يوصي باستضافة جلسات أقصر على عدة أيام أو أسابيع بدلاً من استخدام برامج تدريب أطول. ويقول إن هذا الأمر قد “يزيد من فرص الاستمرارية والاستبقاء في البيئات التي لا يمكن جمع الموظفين جميعًا معًا”.
- المشاركة بطرق متعددة؛ فينصح كوبلاند “باستضافة مزيج من جلسات البث المباشر التفاعلية والجلسات المسجلة مسبقًا، بالإضافة إلى برامج داخل غرف العمل وعن بُعد، لاستيعاب أنماط التعلم المفضلة المتنوعة لدى الموظفين”.
- توفير تنسيقات محتوى متنوعة؛ فيوصي كوبلاند بدمج محاضرات البث المباشر، ومهام الفريق، والاختبارات القصيرة مع تقديم مقاطع الفيديو عند الطلب، وشرائح العروض التوضيحية، والمواد المكتوبة.
وكما هو الحال مع أي مبادرات تدريبية، بالطبع، يلتزم المتخصصون في مجال التعلم والتطوير بالتأكد من أن قيمة التدريب تنعكس على مكان العمل.

الحفاظ على المهارة بالتطبيق على أرض الواقع
مارك كوستر، الحاصل على درجة البكالوريوس والدكتوراه، هو المالك ورئيس تحرير STEM Toy Expert؛ مما يجعله مالكًا لنشاط تجاري يُزاول عبر الإنترنت ويتمتع بخلفية معلم. يعمل فريق كوستر عن بُعد تمامًا وقد كان كذلك حتى قبل تفشي جائحة كوفيد 19. وتتمثل إحدى الإستراتيجيات التي استخدمها لتعزيز مشاركة الموظفين في إنشاء مهام بسير عمل يجمع بين العديد من الأشخاص بعد إكمال الدورة التدريبية.
“يبدأ شخص واحد المهمة عن طريق أداء مهمة فرعية أو مهمتين؛ بمجرد الانتهاء، يتولى الشخص التالي المرحلة التالية، وما إلى ذلك”. يضع كوستر نفسه في المرحلة النهائية لهذه العملية. ويقول “يتمثل الهدف من ذلك تطبيق المعرفة المكتسبة حديثًا معًا، حتى نتعاون مع بعضنا البعض، ونطلب المساعدة والمشورة، ونناقش أي مشكلات قد نواجها ونتبادل الملاحظات”. ويضيف “والأهم من ذلك، أن المهام بعد الدورة التدريبية تسمح باستمرار المشاركة من خلال الصداقة افتراضية”.
يوافق سام كروننبورج، الرئيس التنفيذي ومؤسس A Cloud Guru، وهي شركة تدريب سحابية، على أن إنشاء روابط واضحة مع بيئات العمل التي يعملون بها أمر مهم عند تدريب المتعلمين البالغين. ويقول “يتوق المتعلمون البالغون إلى تطبيق المواد التي يتعلمونها في خبراتهم الواقعية”. وتعد القدرة على ممارسة المهارات المكتسبة في بيئة خالية من المخاطر طريقة أخرى للقيام بذلك.
ويقترح “على سبيل المثال، إذا كان الموظف يتعلم تكنولوجيا سحابية جديدة، اسمح له بتجربة هذه التكنولوجيا في بيئة آمنة، مثل معمل عملي أو بيئة اختبار معزولة، حيث يمكنهم النجاح، والإخفاق، دون ضغوط عرقلة إعداد السحابة الخاص بشركتهم”. يستطرد كروننبورج “سيضمن ذلك أن يكون لدى الموظف فهم كامل للتكنولوجيا قبل استخدامها في مكان العمل”.
توفر بيئة التعلم والتدريب عبر الإنترنت اليوم عددًا من الطرق لضمان مشاركة الموظفين. وعندما يكتسب قادة التعلم والتطوير والمتخصصون في مجال الموارد البشرية والمديرون وغيرهم الخبرة، يمكنهم التعلم من نجاحاتهم، وأخطائهم، وتجارب الآخرين وأفضل ممارساتهم. ما إستراتيجيات حث الموظفين على المشاركة التي تستخدمها في أنشطة تدريب الموظفين عبر الإنترنت؟